كذلك ههنا الوطء محظور الصوم، وإذا ثبت أنه محظور الصوم فلم يكن بفعله تاركاً للصوم بل كان جانباً على الصوم بمواقعة المحظور بسبب مؤثر فاستقام إيجاب الكفارة، كما تجب الكفارة بمواقعة المحظورات في الحج، لأن مواقعة المحظور سبب في إيجاب العقوبة.
ألا ترى أن فساد الصوم بالوطء كان على وجه العقوبة، فكذلك الكفارة وجبت على طريق العقوبة.
وأما حجتهم:
قالوا: إفطار كامل فيوجب الكفارة، كما إذا كان بالوطء، وهذا لأن الواجب كفارة الفطر، بدليل أنه يضاف إليه، والأصل أن الحكم إذا أضيف إلى الشيء يكون سبباً له مثل كفارة القتل وكفارة الظهار، وكفارة اليمين على أصلكم، وزكاة المال، وغير هذا من الإضافات.
ولأن الفطر جناية على الصوم بتفويت ركنه فيصلح موجباً للكفارة إلا أنه يكون بجهة التعدي على الكمال ليصلح موجباً للعقوبة.
قالوا: ولا يجوز أن يقال إن الكفارة واجب الوطء، لأنه لو وطئ ناسياً للصوم وتصور إذا زنا ناسياً بامرأة لم تجب عليه الكفارة وإن وجد الوطء لعدم الفطر، ولو وطئ امرأته أو مملوكته وجبت الكفارة وإن استوفى هنا بضع مملوكة لوجود الفطر، فدل أن الكفارة كفارة الفطر، وهذا ثبت هذا فنقول: الفطر بالأكل والشرب مثل الفطر بالوطء، لأن الصوم عبادة كف عن قضاء الشهوة والشهوة شهوتان: شهوة بطن، وشهوة فرج، وهما شهوتان مركبتان في العبد جبلة وخلقة فلابد من قضائهما على المعتاد، وقضاء أحدهما بالوطء، والأخرى بالأكل والشرب، والصوم عبادة كف عنهما.
قالوا: ولهذا تناول نص الكتاب كل واحد منهما تحليلاً وتحريماً