إليها بعارض من صنعة مباحة مشروعة لذلك النوع من المنفعة على الخصوص، فإذا صرف وصنع انصراف عن تلك الجهة إلى هذه الجهة، وفات صفة النماء، وهي شرط وجوب الزكاة فسقطت لفقدان شرطها، وهذا كالثياب والدواب خلقت لمنافع فيها، وتعينت في الابتداء لجهة البذلة بنوع دليل ثم إذا صرفها عنها بفعل التجارة انصرف ووجبت الزكاة، فإذا عرفنا هذا الأصل فيخرج عليه ما ذكروا من المعنى، وما تعلقوا به من الأحكام.
وأما قولهم: ((إن جهة التجارة/ تبقى بعد صنعة الحلي)).
قلنا: جهة التجارة وجهة البذلة جهتان مختلفتان، والشرع قد علق بكل جهة حكماً يخالف الجهة الأخرى، ولا يجوز أن يحكم باجتماعهما، بل إذا ثبتت إحداهما انتفت الأخرى، كما لو جعل ثياب البذلة للتجارة.
وقولهم: ((إنه تصور فيه التقلب والتصرف بعد اتخاذه حليا)).
قلنا: هذا كمن يقول إن الثياب والدواب يتصور فيهما اللبس والركوب بعد جعلهما للتجارة، ثم ذلك الزعم باطل، كذلك ههنا، وعلى أنا بينا وجود ضدية ومنافاة بين الجنسين محسوساً ومشروعاً.
وأما قولهم: ((إنه صار للتجارة بعينه من غير اعتبار معنى وراء العين)).
قلنا: بلى، ولكن بنوع دليل مرجح لهذه الجهة على غيرها مع قبول العين جعلها مشروعاً ومحسوساً لجهة أخرى، فإذا جعل لتلك الجهة وصرف عن هذه الجهة صار لها، وفاتت هذه الجهة مثل الثياب والدواب.
وأما قولهم: ((إن جهة التحلي والتزين دون جهة التجارة)).