وأما الربا يتعلق بعينها بنص الشارع وعينهما باقي.

قالوا: ((إن عندكم علة الربا الثمنية وقد زالت باتخاذ الحلي)).

قلنا: نحن نقول إن جريان الربا حكم متعلق بعين الذهب والفضة، وأما العلة بالثمنية لم يكن لأنه غير متعلق بعين الذهب والفضة بل لمنع إلحاق غير الذهب والفضة بالذهب والفضة.

وقد قال بعض أصحابنا: إن العلة كونهما جوهري الأثمان وهذا المعنى باقي بعد الصنعة.

ومنهم من قال: إن لم يبق حقيقة الثمنية بعد صنعة الحلي فقد بقيت شبهة الثمنية، والتحريم يثبت بشبهة الربا، وأما الزكاة لا تجب بشبهة النماء بل تجب بحقيقة النماء.

وأما قولهم: ((إن وصف النماء أو صفة التجارة قائمة بعد صنعة الحلي)).

قلنا: قد دللنا على الفوات ثم يتبين وجه ذلك على ما يمكن الاعتماد عليه فنقول: إن الله تعالى خلق الذهب والفضة لمنافع العباد فكل منفعة يجوز حصولها من الذهب والفضة، فهما مخلوقان لذلك، فعلى هذا خلق الله تعالى الذهب والفضة لمنفعة التقلب والتصرف، ولمنفعة التحلي والتزين وغير ذلك، إلا أن في الابتداء تعين جهة التقلب والتصرف ويجعل الذهب والفضة كأنهما خلقا لذلك، لأن هذه المنفعة أعم من منفعة التحلي والتزين.

ألا ترى أنها تعم الرجال والنساء، ومنفعة التحلي والتزين تختص بالنساء، وإنما يجوز للرجال في الفضة على الخصوص في شيء معين من خاتم وما يشبهه، وهو شيء يسير لا يقع الالتفات إليه فتعين جهة التجارة بهذا الرجحان، إلا أنه مع ذلك يقبل أن يجعل للمنفعة الأخرى، ويصرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015