به عما كان عليه، وإن لم يرد سمع شيء من ذلك، فهو على أصل حُكْمه في العقل، واللَّه أعلم.
إِذا اختلفت الصحابة -رضي اللَّه عنهم- على قولين وانقرضوا على ذلك، ثم أجمع الباقون على أحد القولين، فهل يسقط الخلاف أم هو باق؟.
ليس عن مالك -رحمه اللَّه- في ذلك نص، واختلف أصحابه في ذلك، فقال بعضهم: ينقطع الخلاف، ولا يجوز مخالفة إجماع التابعين بعده.
وقال بعضهم: بل الخلاف باق ولا ينقطع.
قال القَاضِي: والجَيِّد وهو الذي يختاره شيخنا أَبُو بَكْرِ بْنِ صَالِحِ الأَبْهُرِيُّ أن الخلاف باقٍ، وذلك أن تقدير المسألة يكون قول الصحابي المخالف بمنزلة حضوره مع التابعين، وكونه حيًّا معه، ككونه ميتًا لا يسقط خلافه لهم بإجماعهم على خلافه، وأحسن أحوال التابعين معه أن يكونوا بمنزلة الصحابة معه في أن مخالفيه من الصحابة له من طريق اجْتِهَاد لا يسقط خلافه، وكذلك كون التابعين وإجماعهم على خلافه من طريق الاجتهاد، ولا يسقط خلافه لهم، ولأن قوله بمنزلة أن لو كان حيًّا معهم، فيكون إِجماعهم كطائفة إضافة إلى الحزبين من الصحابة، واللَّه أعلم.
مذهب مالك وغيره من الفقهاء أن إِجماع الأعصار حجة، وأنكر قوم أن يكون إجماع الأعصار حجة إِلا للصحابة رضي اللَّه عنهم.
والدليل على أن إِجماع الأعصار حجة هو أن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- أثنى على هذه الأُمَّة وبيَّن فضلها، ونَبَّه عليه وعلى وجوب الحجة بقولها لقوله -تعالى- في القرآن في مواضع كثيرة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} إلى قوله: {عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: الآية 110] الآية.
وقوله أيضًا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: الآية 143] وغير ذلك.