استئناف الشَّرع بالوجوب ناسخًا، لما لم يكن في العقل وجوبه، فلم يبق شيء يصح أن يكون منسوخًا، وباللَّه التوفيق.

بَابُ الْكَلامِ فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا مِن الأَنْبِيَاءِ (?)

اختلف فيه هل يلزمنا اتِّبَاع ما كانَ في شرائع مَن كان قبل نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا لم يكن في شرعنا ما ينسخه أم لا؟

فقيل: يلزم إلا أَنْ يمنع منه دليل، ومذهب مَالِك يدل على أن علينا اتباعهم، لأنه احتج بقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: الآية 45].

وهذا خطاب لأهل التوراة في شريعة موسى -عليه السلام- والحجَّة في ذلك قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: الآية 90] فأمر نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يهتدي بهدى الأنبياء -عليه السلام- من قبله، وكذلك قوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: الآية 123].

فدلَّ على أن علينا اتباعهم، ومن قال: ليس علينا اتباعهم، فحجته قوله عز وجل: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: الآية 48].

فمن زعم أن شرائع مَنْ كان قبلنا يلزمنا العمل بها، أو ببعضها، فقد جعل الشرع لنا ولهم، والمنهاج واحد، فاللَّه تعالى جعل لكل منهم شِرْعَةً ومنهَاجًا، وهذا لما يقع في الشرائع والعبادات التي يجوز فيها النسخ والنقل والتبديل.

فأما التوحيد وما يتعلق به، فلا خلاف فيه بين شرائع الأنبياء -عليهم السلام- وكلهم فيه على منهاج واحد؛ لأنه لا يجوز أن يقع اختلاف، وباللَّه التوفيق.

بَابُ الكَلامِ في الحَظْرِ والإِبَاحَةِ (?)

ليس عن مالك -رحمه اللَّه- في الحَظْرِ وَالإبَاحَةِ في الأطعمة والأشربة، وما جرت العادة بأن الجسم لا بد له منه نص في ذلك.

ذهب القاضي أَبُو الفَرَجِ المَالِكِيُّ إِلى أنها على الإباحة في الأصل، حتى يقوم دليل الحَظْر، وغيره من أصحابنا يقول: هي على الحَظْر حتى يقوم دليل الإباحة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015