النوع الثاني:
وهو ما يقوم سلطان القانون فيه على عنصر الإلزام فقط، وسلطان هذا النوع من القانون ضعيف، لأن القانون لا صلة له بالنفوس والقلوب، ومن ثم يتقبله الناس كارهين، ولا يقبلون عليه طائعين، ولا يتحرجون من مخالفته إذا أمنوا سطوته.
والناس مهما بلغ علمهم أو بلغت الثقافة بهم لا يستجيبون إلا لنداء المبدأ والعقيدة، ونداء المروءة والخلق الرفيع، ونداء المنفعة والمصلحة، فإذا خلا القانون مما يتصل بالمبادئ والعقائد، وإذا خلا القانون مما يتصل بالأخلاق والفضائل، وكان للفرد منفعة أو مصلحة في مخالفة القانون فقل سلام على القانون.
ويدخل تحت هذا النوع معظم القوانين الوضعية في العالم وبصفة خاصة القوانين التي جردت من كل ما له مساس بالدين والعقائد والأخلاق والفضائل الإنسانية.
القَوَانِينُ الوَضْعِيَّةُ قَبْلَ الثَّوْرَةِ الفِرَنْسِيَّةِ وَبَعْدَهَا:
ومن الحق أن نقول أن القوانين الوضعية كانت إلى ما قبل الثورة الفرنسية ذات سلطان، وكان سلطانها يقوم على عنصر روحي محدود وعلى عنصر الإلزام، وكانت نصوص القانون مَزِيجًا من القواعد الآمرة والناهية الموروثة عن الرومان أو غيرهم، ومن بعض المبادئ الخُلُقِيَّةِ والعادات والتقاليد المرعية