شَأْنُهُ -، أما القوانين الوضعية فهي كما قلنا من صنع الفئة الحاكمة، وهي حين تضعها تراعي مصلحتها دون غيرها من الفئات، وتحاول أن تحمي بالقوانين أشخاص الحاكمين، والمبادئ التي يعتنقوها والأنظمة التي يقيمونها، فإذا ما ذهبت هذه الفئة وجاء غيرها تغيرت القوانين لتحمي الفئة الجديدة والمبادئ الجديدة والأنظمة الجديدة، وهكذا تتغير القوانين بتغير الحاكمين والمبادئ والأنظمة التي يقوم عليها الحكم، وهي لا تفتأ تتغير وتتبدل بين حين وآخر، وهذا يؤدي إلى عدم احترام القانون وذهاب سلطانه من النفوس.
ولقد أصبحنا اليوم نرى الأحزاب المعارضة في العالم تحرض أنصارها على الاستهانة بالقانون والخروج على أحكامه لتصل على أشلائه إلى أغراضها. وما على الأحزاب المعارضة وأصحاب الدعوات الجديدة حرج فيما يدعون إليه ما داموا يرون أن القانون من صنع أفراد مثلهم، وأنه وضع لحماية أفراد ليسوا خَيْرًا منهم، أو أنظمة هي شر في نظرهم.
ولعل فيما هو حادث اليوم في البلاد الأوروبية من تبدل الأنظمة والحكام وشكل الحكومات الدليل المقنع على زوال سطوة القانون وانعدام سلطانه، وإذا استمر الحال كذلك فسيأتي قريبًا الوقت الذي تفقد فيه القوانين الوضعية قيمتها، وَلاَ تُقََوَّمُ بأكثر من الورق الذي كتبت عليه.