والسوابق القضائية، وكان يتخلل هذا المزيج قليل من القواعد الدينية التي تختلف باختلاف الدين واختلاف المذهب.

وبعد الثورة الفرنسية أخذ المتشرعون الأوروبيون في تجريد القوانين الوضعية من كل ما له مساس بالدين والعقائد والأخلاق والفضائل الإنسانية حتى تم لهم ذلك إلى حد كبير، وأصبحت هذه القوانين قائمة على تنظيم علاقات الأفراد المادية، وعلى ما يمس الأمن ونظام الحكم أو النظام الاجتماعي، وبذلك انعدم العنصر الروحي في القانون فانعدم سلطانه على الأفراد والشعوب.

وقد أدى إهمال الدين والعقائد وإبعاد الأخلاق والفضائل عن دائرة القانون إلى نتائجه الحتمية، ففسدت الأخلاق وشاعت الفوضى، ونبتت في الجماهير روح التمرد والاستهانة بالقانون، وكثرت الثورات وتعددت الانقلابات وتغيرت النظم طِبْقًا للأهواء وانتفى الاطمئنان والاستقرار من حياة الشعوب.

الصَّخْرَةُ التِي حَطَّمَتْ القَانُونَ:

ولقد أوقع المتشرعين الوضعيين في هذا الخطأ الفاحش أنهم أرادوا أن يحققوا مبدأ المساواة بين الأفراد، وأن يطبقوا مبدأ حرية الاعتقاد، فلم يروا وسيلة لتطبيق هذين المبدأين مَعًا إلا أن يجردوا القانون من كل ما يمس العقائد والأخلاق، فأدى بهم هذا التطبيق السيء إلى تلك النتائج المحزنة، ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015