خضوعًا لمبادئ يطبقونها، وإنما جريًا وراء الأهواء والشهوات، وتحقيقًا للمنافع أَوْ تَخَوُّفًا من الحرمان، ذلك أنهم يربطون أنفسهم بكل ذي سلطان طَالَمَا كان له سلطان، فإذا ما أحسوا بهذا السلطان في طريق الزوال انقلبوا على صاحبه ينهشون عرضه ويسخرون منه، وَطَالَمَا والله عبدوه من دون الله، وضحوا في سبيل إرضائه بكرامة الرجل وحياء الإنسان.
ومن أجل هذا الذي درج عليه كبراؤنا فإن كل الحكومات على اختلاف أغراضها وألوانها وعلى اختلاف الجهات التي تسندها، تجد مؤيدين من كل الطبقات، وتستطيع أن تعيش مسنودة بأغلبية برلمانية طَالَمَا كان بقاؤها في الحكم مكفولاً أو على الأقل مأمولاً.
ولقد تمثل الشعب بسادته وكبرائه في نفاقهم وسوء أخلاقهم، فعم النفاق وفشا الرياء وضاعت الأخلاق والكرامات، ولم يبق في الشعب من له ذمة أو ضمير أو خُلُقٍ إلا القليل، ومن المؤلم أن نجد كثيرًا من شباب الأمة وجيلها الحديث ينظرون إلى هؤلاء الذين يتمسكون بالفضائل على اعتبار أنهم قوم يحلمون ويعيشون في العصور البائدة، ويعتقدون أن المدنية والتقدم في التحلل من كل شيء، من الخلق والكرامة ومن الذمة والضمير، بل التحلل من الشفقة والرحمة ومن الآدمية والإنسانية.