وأمر الله رسوله أن يشاورهم في الأمر {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159]. وما أمر الله رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمشاورتهم لحاجة منه إلى رأيهم. وإنما هي فريضة عليهم، ففرض على الحاكم أن يستشير في كل ما يمس الجماعة وفرض على الجماعة أن تبدي رأيها في كل أمورها، فليس للحاكم أن يستبد برأيه في الشؤون العامة، وليس للجماعة أن تسكت فيما يمس مصالح الجماعة، وهذا يتفق مع ما يفرضه القرآن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104].
وإذا كانت الشورى فريضة من الفرائض الإسلامية فإنها ليست مطلقة بحيث تمتد إلى كل أمر، وإنما تجب فقط فيما لم يقطع فيه القُرْآنُ وَالسُنَّةُ برأي، أما ما قطع فيه القُرْآنُ وَالسُنَّةُ برأي فهو خارج عن نطاق الشورى إلا أن تكون الشورى في حدود التنفيذ والتنظيم لما نص عليه القرآن وَبَيَّنَتْهُ السُنَّةُ.
والشورى ليست مطلقة من كل قيد فيما تجب فيه، وإنما هي مقيدة بأن لا تخرج عن حدود ما جاء به القُرْآنُ وَالسُنَّةُ، فلا يجوز بأية حال أن تؤدي الشورى إلى مخالفة نصوص التشريع الإسلامي أو إلى الخروج على روح التشريع، ويجب دائمًا أن تجيء الشورى مطابقة للتشريع الإسلامي ومتابعة لاتجاهاته وروحه.