استخلفهم، وليس في استطاعتهم أن ينسخوا كلامه أو يبطل العمل به، فإن فعلوا فعملهم باطل بطلانًا مطلقًا لخروجهم على حدود وظيفتهم وتعرضهم لما ليس من شأنهم.
ونستطيع أن ندلل على عدم قابلية القرآن للنسخ من وجه آخر، وهو القاعدة الأساسية في الشريعة الإسلامية وفي القوانين الوضعية هي أن النصوص لا ينسخها إلا نصوص في مثل قوتها أو أقوى منها، أي نصوص صادرة من الشارع نفسه أو من هيئة لها من سلطان التشريع - على الأقل - مثل ما للهيئة التي أصدرت النصوص المراد نسخها، فالنصوص الناسخة للقرآن يجب أن تكون قرآنًا من عند الله، وليس بعد الرسول قرآن حيث انقطع الوحي، ولا يمكن أن يقال إن ما يصدر من هيئاتنا التشريعية البشرية في درجة القرآن أو أن لها من سلطان التشريع ما للهِ وللرسولِ، وعلى هذا فليس في طوق البشر أن ينسخوا كلام الله أو يعطلوا العمل به.
جعل الله الشورى من لوازم الإيمان، حيث جعلها صفة من الصفات اللاصقة بالمؤمنين المميزة لهن عن غيرهم {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: 38]، فلا يكمل إيمان المسلمين إلا بوجود صفة الشورى فيهم، ولا يجوز لجماعة مسلمة أن تقوم أو ترضى إقامة أمرها على غير الشورى وإلا كانت آثمة مضيعة لأمر الله.