بكر، فقال: «وَالذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا، لاَ يَكُونُ هَذَا فِي وِلاَيَتِي، يَخْرُجُ أَبُو بَكْرٍ مِنْهُ وَأَتَقَلَّدُهُ أَنَا».
فهذا أبو بكر يعمل للمسلمين ستة أشهر بلا مقابل، وسنة وأربعة أشهر بمقابل يرده عند وفاته، وهذا عمر يرفض أن يمنح عيال أبي بكر عبدًا وقطعة قطيفة أمر أبو بكر بردها لبيت المال، ولو كان غير أبي بكر من حكام هذا الزمان لأتخم نفسه ثروة في ولايته، ولو كان غير عمر من حكام هذا الزمان لمنح عيال سلفه معاشًا أو أقطعهم إقطاعًا.
ثم يلي عمر أمر المسلمين بعد أبي بكر فيمكث زمانًا لا يأكل من مال المسلمين شيئًا حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة، فأرسل إلى أصحاب رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستشارهم فقال: «قَدْ شَغَلْتُ نَفْسِي بِهَذَا الأَمْرِ فَمَا يَصْلُحُ لِي مِنْهُ؟» فَقَالَ عُثْمَانُ: «كُلْ وَأَطْعِمْ»، وَقَالَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنَ زَيْدٍ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ: «مَا تَقُولُ أَنْتَ؟» قَالَ: «غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ»، فَأَخَذَ عُمَرُ بِمَا قَالَ عَلِيٌّ، وفي رواية أخرى أن عليًا قال له: «لَيْسَ لَكَ فِي هَذَا المَالِ إِلاَّ مَا أَصْلَحَكَ وَأَصْلَحَ أَهْلَكَ بِالمَعْرُوفِ»، فَقَالَ عُمَرُ: «القَوْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ».
وتساءل البعض ماذا يحل لأمير المؤمنين من مال الله أي مال الدولة فسمع عمر فقال: «أَنَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا أَسْتَحِلُّ مِنْهُ، تَحِلُّ لِي حُلَّتَانِ حُلَّةٌ فِي الشِّتَاءِ وَحُلَّةٌ فِي القَيْظِ، وَمَا أَحُجُّ عَلَيْهِ وَأَعْتَمِرُ مِنَ الظُّهْرِ، وَقُوتِي وَقُوتِ أَهْلِي كَقُوتِ رَجُلٍ مِنْ