«إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» وقال: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ» وقال: «إِنَّهُ سَيَلِي أَمْرَكُمْ مِنْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ، وَيُحْدِثُونَ بِدْعَةً، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا»، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِي إِذَا أَدْرَكْتُهُمْ؟ قَالَ: «لَيْسَ يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ طَاعَةٌ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ». قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
وهكذا قطع القرآن والسنة في أن طاعة أولي الأمر لا تجب إلا في طاعة الله، وأن ليس لأحد أن يطيع فيما يخالف كتاب الله وسنة رسوله.
عرفنا أن الإمام نائب عن الأمة، والنيابة لا تقتضي بطبيعتها أن يأخذ النائب أجرًا على عمله، ولكن لما كان تفرغ الإمام للنيابة يمنعه من تحصيل عيشه فقد رؤي أن يفرض للإمام من بيت مال المسلمين ما يقوم بعيشه وعيش أهله الذين يعولهم فضلاً عما يصيبه كفرد من الأموال العامة التي تقسم بين الجميع كنصيبه في الفيء وحقه في العطاء.
ولم يكن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو رئيس الدولة يختص نفسه بشيء من الأموال العامة مقابل تفرغه لشؤون الدولة، وكان يكتفي بما أفاء الله عليه من أموال بني النضير، بل كان لا يستبقي من هذا الفيء لنفسه وأهله إلا القليل، أما