وعمر بن الخطاب الذي أوجع قلبه هذا الحديث هو الذي كان يقول: «لَوْ مَاتَتْ شَاةٌ عَلَى شَطِّ الفُرَاتِ ضَائِعَةً لَظَنَنْتُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَائِلِي عَنْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ». وهو الذي رآه على ابن أبي طالب على قتب يغدو فقال له: «يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَيْنَ تَذْهَبُ؟»، فَقَالَ: «بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ أَطْلُبُهُ»، فَقَالَ عَلِيٌّ: «لَقَدْ أَذْلَلْتَ الخُلَفَاءَ بَعْدَكَ»، قَالَ: «لاَ تَلُمْنِي يَا أَبَا الحَسَنِ فَوَالذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالنَّبَوَّةِ لَوْ أَنَّ عِنَاقًا ذَهَبَتْ بِشَاطِئِ الفُرَاتِ لأُخِذَ بِهَا عُمَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ».
عمر بن الخطاب الذي أوجع قلبه هذا الحديث هو الذي كان يهنأ بنفسه إبل الصدقة، وهو الذي كان يقتص من نفسه ويقتص من عُمَّالِهِ، وهو الذي عزل أحد عُمَّالِهِ لأنه لاَ يُقَبِّلُ وَلَدَهُ، وهو الذي عزل أحد قواده لأنه أنزل جنديا في الماء يرتاد مخاضة ليجوز منها الجيش فمات الجندي من البرد ولم يترك عمر القائد حتى ألزمه الدية.
عمر بن الخطاب الذي أوجع قلبه هذا الحديث هو الذي لاَنَ قلبه في الله حتى لهو ألين من الزبد، واشتد قلبه في الله حتى لهو أشد من الحجر، وهو الذي قال فيه رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ». كان إذا أتاه الخصمان برك على ركبتيه وقال: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمَا فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُرِيدُنِي عَلَى دِينِي». وكلمته امرأته في أحد عماله فقال: «يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ، وَفِيمَ أَنْتِ وَهَذَا، إِنَّمَا أَنْتِ لُعْبَةٌ يُلْعَبُ بِكِ، ثُمَّ تُتْرَكِينَ».
وأرسل إليه عامله على أذربيجان