والأصل في البيعة أن تكون على الكتاب والسنة وإقامة الحق والعدل من قبل الإمام، وعلى السمع والطاعة في المعروف من قبل أهل الشورى، وتتم المبايعة إذا بايع جميع أهل الشورى أو أكثرهم.
وإذا تمت المبايعة انعقدت الإمامة، ووجب على الإمام أن يقوم بأمر الله في المسلمين، وأن يقيم فيهم كتاب الله وسنة رسوله، لا يألو جهدًا في إحقاق الحق وتحقيق العدل، وكان على أهل الشورى وعلى الأمة بصفة عامة أن يسمعوا للإمام ويطيعوه في حدود طاعة الله، أما أهل الشورى فعليهم ذلك التزامًا بالبيعة التي بايعوا، وأما أفراد الأمة فالتزامًا ببيعة نوابهم الذين ينوبون عنهم ويمثلونهم وهم أهل الشورى، وليس لأحد الفريقين أن ينزع يَدًا من طاعة ما لم يحدث الإمام ما يقتضي الخروج على طاعته، وقد حرم الإسلام هذا واعتبره غدرًا في قول رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً يُعْرَفُ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ، وَإِنَّ أَكْبَرَ الغَدْرِ غَدْرُ أَمِيرِ عَامَّةٍ» وقوله: «مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، فَلاَ حُجَّةَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».
والأصل أن يضع المبايع يده في يد من يبايعه ثم يأتي بعبارة البيعة، وقد سجل القرآن شكل البيعة في قول الله - جَلَّ شَأْنُهُ -: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]. كذلك سجل الحديث هذا الشكل في قول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ».