عليه، وقد تندمج مرحلة البيعة في مرحلة الاختيار فلا يكون بينهما فاصل زمني كما حدث في بيعة أبي بكر فقد رشحه عمر وقال له: «أُمْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ»، فبايعه وتتابع الناس على ذلك.
والبيعة تقليد إسلامي أثر عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأول بيعة في الإسلام ذات شأن هي بيعة الأنصار في مكة وتسمى بيعة العقبة بايع فيها سبعون أنصاريًا رسولَ الله كما قال لهم: «عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالكَسَلِ، وَالنَّفَقَةِ فِي العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَأَنْ [تَقُولُوا] فِي اللَّهِ، لاَ تَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ، وَعَلَى أَنْ تَنْصُرُونِي، فَتَمْنَعُونِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْكُمْ مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ، وَأَزْوَاجَكُمْ، وَأَبْنَاءَكُمْ، وَلَكُمُ الجَنَّةُ».
وقد نزل القرآن ببيعة النساء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12].
وكان الصحابة يبايعون الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الإسلام وعلى الهجرة وعلى الجهاد، بل بايعوه على عدم الفرار من القتال كما حدث في الحديبية.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنَ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يُلَقِّنُنَا هُوَ «فِيمَا اسْتَطَعْتَ».