من الفتن في الأمة، قال حذيفة: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا» فالجماعة في هذا الحديث ليست كل المسلمين وإنما هي أكثر المسلمين، وقد اعتبرت على الحق دون غيرها.

وربما صح عقلاً أن يأتي رأي الأكثرين خاطئًا ورأي الأقلين صوابًا ولكن هذا نادر، والنادر لا حكم له، والمفروض شرعًا أن رأي الأكثرين هو الصواب ما دام كلهم يبدي رأيه مجردًا لله وما دامت الآراء جميعًا تناقش دون تعصب لها أو لأصحابها، وأساس ذلك قول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلاَلَةٍ»، «يَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ فَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ»، وفي رواية أخرى: «سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ [يَجْمَعَ] أُمَّتِي عَلَى ضَلاَلَةٍ فَأَعْطَانِيهَا» (*)، فالله يسدد دائمًا خطأ الجماعة ويوجهها إلى الرأي السديد.

والواقع أن الشورى لن يكون لها معنى إذا لم يؤخذ برأي الأكثرية، ووجوب الشورى على الأمة الإسلامية يقتضي التزام رأي الأكثرية، وقد سن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة التزام رأي الأكثرية في خروجه لغزوة أُحُدٍ فقد استشار المسلمين أيخرج إلى كفار قريش الذين نزلوا قريبًا من جبل أحد أم يمكث في المدينة، وكان رأيه ألا يخرجوا من المدينة وأن يتحصنوا بها، فإن دخلها الكفار قاتلهم الرجال على أفواه الأزقة والنساء من فوق البيوت، ووافقه على هذا الرأي عَبْدِ اللهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015