ثالثًا: إن الشورى يجب أن تقوم على الإخلاص لله والرغبة فيما عنده والعمل لرفع شأن الإسلام دون نظر إلى [النظرات] الشخصية والمنافع الذاتية والعصبيات القبلية والاقليمية، فلا يقبل الله من الناس إلا ما خلص له وحده وقصد به وجهه {أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3]. وما يسلك في سلك المؤمنين إلا من اعتصم بالله وأخلص الدين لله {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146].
ولا يصح أن تقوم الشورى على كذب أو غش أو خداع أو إكراه أو رشوة فكل ذلك يحرمه الإسلام لذاته، ومن يفعله في الشورى فإنما هو خائن لله ولرسوله وخائن للأمانة التي حمله الله إياها فوق كذبه أو غشه أو ما ارتكب من خداع أو إكراه أو رشوة، ذلك أن الشورى أمانة في عنق صاحبها وَ «المُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» كما يقول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن خان أمانته فقد أتى ما حرمه الله عليه وخان الله ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27].
رابعًا: ليس من الضروري أن يجمع أهل الرأي على رأي واحد وإنما الرأي ما اتفقت عليه أكثرية المسلمين بجماعتهم بدليل حديث حذيفة المشهور الذي أخبر فيه الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما يكون