الأمة التي أنابته في إدارة شؤونها والقيام على أمرها باختيار من ينوب عنها بعده، فذلك خروج عن حدود نيابته، وتدخل منه فيما هو من شأن الأمة الخاص، خصوصًا أن النيابة عن الأمة تستلزم شروطًا خاصة يجب توفرها في شخص النائب، والقاعدة أنه إذا روعي في النيابة شخصية النائب فليس للنائب أن ينيب عنه أحدًا كذلك فإن النيابة مرتبطة بالحاجة إليها وما دامت الأمة في غير حاجة إلى من ينوب عنها بقيام خليفة على أمرها فليس ثمة ما يدعو لاختيار خلف له لانعدام الحاجة إليه، فإذا توفي الإمام القائم قامت الحاجة لاختيار غيره وكان للأمة أن تختار من تراه صالحًا للنيابة عنها.

وقد تَجَوَّزَ الفقهاء في ولاية العهد كما تجوزوا في الاستخلاف واعتبروا ولاية العهد عقدًا للإمامة، ولكنهم اشترطوا أن يعهد الإمام إلى من هو أحق بالإمامة وأقوم بها، ثم اختلفوا بعد ذلك، ففريق اشترط أن يرضى أهل الاختيار لتلزم البيعة الأمة، لأن اختيار الخليفة حق للأمة فلا تلتزم الأمة بخليفة إلا إذا رضيته واختارته، وفريق رأى لزوم البيعة للأمة باختيار الخليفة القائم دون حاجة إلى أن تختار هي، وحجة هذا الفريق أن بيعة أبي بكر لعمر لزمت الأمة ولم تتوقف على رضائها، وهذا خطأ لا شك فيه أو مغالطة في التدليل - كما بَيَّنَّا ذلك من قبل - قصد منها إرضاء الملوك والخلفاء وتبرير خروجهم على أحكام الإسلام.

واختلفوا بعد ذلك في جعل ولاية العهد للأبناء، فالذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015