ولما قتل عثمان ذهب أصحاب الرسول من المهاجرين والأنصار إلى علي يعرضون عليه أن يبايعوه، فقال: «لاَ حَاجَةَ لِي فِي أَمْرِكُمْ» فترددوا عليه مرارا وصمموا على مبايعته، فقال: «إِذَنْ فَفِي المَسْجِدِ»، فاجتمع الناس وبايعوه (?).
ومع أن جمهور أهل المدينة بايعوا عَلِيًّا ألا أن الكثيرين لم يبايعوه، لأن الناس لم يجتمعوا عليه، وكانت تلك حجة لبعض من انتقضوا عليه بل كانت حجة طلحة والزبير أنهما بايعا كارهين فلم تصح بيعتهما.
وظاهر من هذا أن الخلافة لا تكون إلا ببيعة عامة للناس بيعة عن رضا واختيار.
هذه هي الوقائع التاريخية لبيعة الخلفاء الراشدين الأربعة تؤدي دراستها دراسة تحليلية إلى نتيجة واحدة لا شك في صحتها، وهي أن البيعة لا تتم إلا باختيار عامة أهل الرأي أو أغلبهم للخليفة ورضاء الخليفة بذلك، وأن اختيار الخليفة القائم لمن يأتي بعده ليس إلا ترشيحًا متوقفًا على قبول أهل الرأي، فإن قبلوا هذا الترشيح بايعوا المرشح وإلا رفضوه ورشحوا غيره.