أدواره المتتابعة عبر التاريخ من عهد الخليفة عثمان إلى الآن، فيطلعنا على قوم فيهم خصوبة دينية، واستجابة إلى الحق وبحث عنه، وما أحرانا أمام هذه الأرض الخصبة وأمام هذه التربة الطيبة أن ننمى فيها ما غرس من أصول الإسلام من قبل وفى أنحاء متفرقة من مجاهلها التي تتحرق شوقا إلى الإسلام الآن وأن نغرس الغراس الجديد بين القوم الذين لم يصلهم الإسلام إلا على أيدي التجار والصوفية، وأخذوا منه التسمية فقط وبقوا على خرافاتهم ووثنياتهم الأولى أو زادوا عليها ما قدمه لهم المتصوفة من وثنيات البيئات المتحضرة، وكذلك نغرس هذا الإسلام الذي جاء في كتاب الله العزيز، والذي قدمه أحد رسل الإسلام إلى رستم أكبر قواد الفرس في قوله: "جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام"1 والذي قدمه أبو سفيان إلى هرقل بهذه الصورة، فكان جواب هرقل قيصر الروم أن قال له: "لئن صح ما قلت فسيملك محمد صلى الله عليه وسلم موضع قدمي هاتين، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، ولو أنى أعلم أنى أصل إليه لتجشمت لقاءه"2. فهذا هو الإسلام، وغيره ليس بإسلام، وهو إذا حل في بيئة أحياها كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} 3.
والمؤلف الجليل صاحب هذه الرسالة القيمة ذات الأثر العظيم إن شاء الله يرسم للمملكة العربية السعودية بصفتها المشرفة الأولى على