حل القطب أو الغوث مكانه، بعد أن كان من قبل يعبد حيوانا، أو شجرة، أو حجرا. الفرق أن هذا الأول صنم متحرك متكلم، والأخير صنم لا يتحرك، وإذا تحرك فإنه لا يتكلم، وقد طمست العبادات تحت الطقوس والأوراد، التي قدمها الصوفية، كبديل لما أتى به الله.

وحقيقة أخرى يضعها فضيلة المؤلف أمامنا، وأن هذه الحقيقة لو عملنا بمقتضاها لطمسنا هذه المعالم الوثنية، الصوفية، وغير الصوفية، وأحلنا القارة إلى أمة إسلامية، وقد يكون لها دورها في الحديث كما كان لعرب الجزيرة العربية في القديم.

هذه الحقيقة، هي أن أفريقيا كانت أول مهاجر إسلامي، حين هاجر المسلمون الأولون، وهم لا يزالون في مكة إلى الحبشة، فوجدوا في ملكها وأهلها إخوة متحابين ووجدوا فيها الوطن الأمين، حين افتقدوه بين قومهم وعشيرتهم وكان أن أسلم النجاشي قبل أن يدعوه الرسول رسميا إلى الإسلام.

فهذا الموقف من النجاشي وقومه يعطينا أن الأفارقة أناس صفت نفوسهم وليست لهم تعصب في الباطل وإنما هم أولو بصيرة نفاذة وعقل وقاد، وقدرة على التمييز بين الخير والشر. حينما يعرض عليهم الخير يستجيبون له ويميلون إليه ويولون للشر ظهورهم. وقد تجلى ذلك في أقوى صورة، حينما قدم عمرو بن العاص على النجاشي يسترد المسلمين المهاجرين ويطعن في دينهم فلما عرف النجاشي من المسلمين دينهم، وسمع قرآنهم، في مواجهة عمرو رضي الله عنها رفض طلبه ورد عليه هدية قريش التي جاء بها، وقال له: "والله لا أسلمهم إليكم أبدأ"1 كذلك يقدم لنا انتشار الإسلام في أفريقيا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015