وقبل أن نطالب الآخرين أن يتغيروا يجب أن نتغير نحن لكن وفق ما نطمح إليه من ضبط الداخل والخارج حسب مقاصد الشريعة السامية وحقائقها الخالدة. إن المهمة الملحة هي إعداد النفوس لعملية التغير والتغيير الداخليين لصيانة الذات وتحصينها، وحينئذ نكون قد تجاوزنا دركات النفس الأمارة حتى تترسخ في النفوس تلك الدوافع النبيلة والنوازع الخيْرية فتنضبط حركةً نحو الخير وسكونا عن الشر، وتنصهر حتى تصبح روحا واحدة وجسدا واحدا في اتجاه البناء الجديد كأن الجميع نفس واحدة، وإنسان الظالم لنفسه إلى الارتقاء في الشروع في السير خلال النفس اللوامة التي تمثل المسلم المقتصد حتى نحقق الاستقرار على طريق المسيرة في مدارج النفس المطمئنة أو المسلم السابق بالخيرات بإذن الله. فكلما توافرت للأمة النسبة العالية للنوع الثالث استطاعت أن تأخذ مكانتها المحترمة بين أمم العالم، ولعل هذا ما يعنيه القرآن الكريم والله أعلم بقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015