قد تقدم لنا عِنْد الْكَلَام على بني مدرار المكناسيين أَصْحَاب سجلماسة أَن انْقِرَاض دولتهم كَانَ على يَد خزرون بن فلفل بن خزر المغراوي وَأَنه زحف إِلَى سجلماسة سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة وبرز إِلَيْهِ صَاحبهَا أَبُو مُحَمَّد المعتز بِاللَّه آخر مُلُوك بني مدرار الصفرية فَهَزَمَهُ خزرون وَقَتله وَاسْتولى على بَلَده وذخيرته وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى قرطبة وَكَانَ ذَلِك لأوّل حجابة الْمَنْصُور بن أبي عَامر وَاسْتمرّ خزرون بن فلفل واليا على سجلماسة إِلَى أَن هلك وَولي بعده ابْنه وانودين بن خزرون إِلَى أَن هلك أَيْضا وَولي ابْنه مَسْعُود بن وانودين
وَلما انقرضت الدولة الأموية بالأندلس وافترق أَمر الْجَمَاعَة بهَا وَصَارَ الْملك طوائف استبد أُمَرَاء الْأَطْرَاف وملوك زناتة بالمغرب كل بِمَا فِي يَده وَعدم الْوَازِع وتصرفوا فِي الرعايا بِمُقْتَضى أغراضهم وشهواتهم فنال فاسا وأعمالها من جور بني عَطِيَّة المغراويين مَا حكينا بعضه قبل ونال أهل سجلماسة ودرعة من بني خزرون بن فلفل المغراويين مثل ذَلِك أَو أَكثر
فَلَمَّا كَانَت سنة سبع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَقد انْتَشَر ذكر عبد الله بن ياسين وَأَصْحَابه المرابطين فِي الْعَالم اجْتمع فُقَهَاء سجلماسة ودرعة وَكَتَبُوا إِلَى عبد الله بن ياسين وَيحيى بن عمر وأشياخ المرابطين كتابا يرغبون إِلَيْهِم فِي الْوُصُول إِلَى بِلَادهمْ ليطهروها مِمَّا هِيَ فِي من الْمُنْكَرَات وَشدَّة العسف من الْأُمَرَاء وعرفوهم بِمَا هم فِيهِ أهل الْعلم وَالدّين وَسَائِر الْمُسلمين من الذل وَالصغَار مَعَ أَمِيرهمْ مَسْعُود بن وانودين المغراوي
فَلَمَّا وصل الْكتاب إِلَى عبد الله بن ياسين جمع رُؤَسَاء المرابطين وقرأه عَلَيْهِم وشاورهم فِي الْأَمر فَقَالُوا أَيهَا الْفَقِيه هَذَا مِمَّا يلْزمنَا ويلزمك فسر بِنَا على بركَة الله فَدَعَا لَهُم بِخَير وحضهم على الْجِهَاد