بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
قد تقدم لنا عِنْد الْكَلَام على نسب البربر وشعوبها أَن صنهاجة إِحْدَى قبائل البرانس من البربر وَأَنَّهُمْ أعظم قبائلها بالمغرب لَا يكَاد قطر من أقطاره يَخْلُو من بطن من بطونهم فِي جبل أَو بسيط حَتَّى زعم كثير من النَّاس أَنهم ثلث البربر
وَتقدم لنا أَن النسابين من الْعَرَب زَعَمُوا أَن صنهاجة وكتامة من حمير خَلفهم الْملك إفريقيش بالمغرب فاستحالت لغتهم إِلَى البربرية وَالتَّحْقِيق خلاف ذَلِك وَأَنَّهُمْ من كنعان بن حام كَسَائِر البربر وَتَحْت صنهاجة قبائل كَثِيرَة تَنْتَهِي إِلَى السّبْعين مِنْهُم لمتونة وكدالة ومسوفة ومسراته ومداسة وَبَنُو وَارِث وَبَنُو دحير وَبَنُو زِيَاد وَبَنُو مُوسَى وَبَنُو فشتال وَغير ذَلِك وَتَحْت هَذِه الْقَبَائِل بطُون وأفخاذ تفوت الْحصْر
وَكَانَت لَهُم بالمغرب دولتان عظيمتان إِحْدَاهمَا دولة بني زيري بن مُنَاد الصنهاجيين بإفريقية ورثوا ملكهَا من يَد الشِّيعَة العبيديين وَالْأُخْرَى دولة الملثمين بالمغرب الْأَقْصَى والأوسط والأندلس كَمَا سَيَأْتِي
وموطن هَؤُلَاءِ الملثمين أَرض الصَّحرَاء والرمال الجنوبية فِيمَا بَين بِلَاد البربر وبلاد السودَان ومساحة أَرضهم نَحْو سَبْعَة أشهر طولا فِي أَرْبَعَة عرضا وَفِيهِمْ قوما لَا يعْرفُونَ حرثا وَلَا زرعا وَلَا فَاكِهَة وَإِنَّمَا أَمْوَالهم الْأَنْعَام وعيشهم اللَّحْم وَاللَّبن يُقيم أحدهم عمره لَا يَأْكُل خبْزًا إِلَّا أَن يمر ببلادهم التُّجَّار فيتحفونهم بالخبز والدقيق وَإِنَّمَا قيل لَهُم الملثمون لأَنهم