الرِّجَال إِذْ أغْنى وأقنى وَبلغ النَّاظر فِيهِ مَا تمنى يُغني عَن غَيره من الموضوعات فِي فنه بِصِحَّة أسانيده المرفوعات على أَعْلَام حسنه تناديك مِنْهُ سطوره والطروس لَا تلْتَفت لغيري فَلَا عطر بعد عروس وَكَيف لَا ومؤلفه الْعَلامَة من هُوَ فِي غرَّة هَذَا الْعَصْر عَلامَة الطالع الأسعد والسند الأصعد الْمُحَقق النقاد والمشارك فِي جَمِيع الْفُنُون بالذهن الْوَقَّاد المرتوي من نهر كل فَضِيلَة بِمَا راق وحلا أَبُو الْعَبَّاس سَيِّدي أَحْمد الناصري الدرعي شمس ثغر سلا أبقى الله بركته وأدام فِي اكْتِسَاب الْمَعَالِي حركته فَللَّه دره من مؤلف ألف بَين الكمالات وشنف السّمع بأصح المقالات فِي هَذَا التَّارِيخ الَّذِي أرخت فِي صَحَائِف الْكَمَال آيَاته وخلدت فِي دفاتر الْمجد فضائله وكراماته وَقد زَاده رونق الطَّبْع نورا على نور وأفاده اجتلاء على مَنَابِر الظُّهُور فَقرب نوره لمقتبسه وَسَهل ملكه لملتمسه وَلما ملك حسنه خاطري وفؤادي وسلك بَين مَنْهَج قصدي ومرادي وصرت بِهِ أنشط من ظَبْي مقمر وأسلط عَلَيْهِ من ذِئْب متنمر تشوفت لإنشاء امتداحه وتشوقت لإملاء أمداحه بِمَا لَا أعده فِي شَيْء من طَبَقَات الفصاحة عِنْد فرسَان هَذَا الميدان وَلَكِن عُذْري عِنْد الْوَاقِع عَلَيْهِ أَنه لقطَة عجلَان مَا لَهُ فِي الْأَدَب يدان فَقلت فِي ذَلِك مؤرخا تَمام طبعه فِي بداعة صنعه ورقة طبعه بقول وسيط من بَحر الْبَسِيط
(أَخْبَار أهل الْهوى مَا زَالَ يَرْوِيهَا ... أَحْبَار كأس رحيق الراح يَرْوِيهَا)
(حَتَّى إِذا سمعُوا العشاق مخبرها ... هاموا وَقَامُوا بألحان تواتيها)
(لكِنهمْ أبدا فِي الدَّهْر مَا سمعُوا ... مَا نالني فِي هوى خود أفديها)
(خود بهَا الصب قد لذ الْعَذَاب لَهُ ... لما غَدا وَهُوَ مطروح بناديها)
(يَرْجُو رِضَاهَا وَلم تسمح بوصلته ... وبالتذلل والشكوى يناديها)
(قد استرقته فِي شرع الغرام وَمَا ... رقت لما بِهِ من نَار يقاسيها)
(حَتَّى استبان لَهَا أَنِّي على تلف ... وَأَن مَا بِي مِنْهَا لَيْسَ تمويها)
(جَاءَت إِلَيّ على فَور تعللني ... بالْعَطْف من طلعة سُبْحَانَ باريها)
(فأتحفتني بحتف الرَّمْز من مقل ... السَّيْف حاجبها وَالْحسن كاسيها)
(إِن أَوْمَأت بلحاظ جرحت كَبِدِي ... أَو أَعرَضت بلغت روحي تراقيها)