ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وثلاثمائة وَألف فَفِي لَيْلَة الْعشْرين من صفر مِنْهَا وَقع فِي النُّجُوم تناثر كَبِير وَرمي شَدِيد تشريقا وتغريبا وَغير ذَلِك على خلاف الْمُعْتَاد حَتَّى لقد أذكرت قَول بشار بن برد الْأَعْمَى فِي وصف الْحَرْب
(كَأَن مثار النَّقْع فَوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه)
ودام ذَلِك من وَقت الْغُرُوب إِلَى نصف اللَّيْل وَفِي هَذِه الْأَيَّام كَانَت بَين جيوش الرجل الْمَنْصُور الْقَائِم بِبِلَاد الْحَبَشَة والنوبة المتسمي بالمهدي وَبَين جَيش النجليز حروب عَظِيمَة بعد الْعَهْد بِمِثْلِهَا وَكَانَ للمهدي الْمَذْكُور على النجليز غَايَة النَّصْر والظهور وَلَوْلَا أَن التَّعَرُّض لخبره لَيْسَ من مَوْضُوع الْكتاب لشرحت ذَلِك فَإِن أمره عَجِيب جدا وَفِي أواسط ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة ورد أَمر السُّلْطَان أيده الله بتسريح مَا كَانَ موظفا على أَبْوَاب المدن والقرى مِمَّا كَانَت تُؤَدِّيه الْعَامَّة على أحمال السّلع والتجارات من المكوس وَكتب فِي ذَلِك إِلَى عَامل سلا وقته بِمَا نَصه بعد الِافْتِتَاح والطابع الْمُشْتَمل على اسْم السُّلْطَان أيده الله خديمنا الأرضى الْحَاج مُحَمَّد بن سعيد السلاوي وفقك الله وَسَلام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبعد فقد شرح الله صدرنا لرفع الْعَطاء فِي سَائِر الْأَبْوَاب بالمدن والمراسي عَن كل مَا يمر بِهِ عَلَيْهَا دَاخِلا وخارجا وأصدرنا أمرنَا الشريف لأمين المستفادات بثغر سلا المحروس بِاللَّه كَغَيْرِهِ بإنهاض المشترين لأبوابه الجالسين للقبض بهَا والمتصرفين فِي شؤونها لحَال سبيلهم وإعمال الْحساب مَعَ مشتريها الْمَذْكُورين على مَا تصرفوا فِيهِ إِلَى يَوْم الإنهاض وتوجيه الْقَائِمَة بذلك لحضرتنا الْعَالِيَة بِاللَّه وَغير الْأَبْوَاب من الْأَمَاكِن الْمُعْطى فِيهَا وَعَلَيْهَا تبقى على حَالهَا حَتَّى نَنْظُر فِي أمرهَا بحول الله وأعلمناك لتَكون على بَال وَالسَّلَام فِي ثَانِي ربيع الأول عَام ثَلَاثَة وثلاثمائة وَألف وَلما ورد هَذَا الْكتاب فَرح النَّاس بِهِ ودعوا للسُّلْطَان بالنصر والتأييد من خَالص نياتهم نطلب الله تَعَالَى أَن يتمم نعْمَته على الْمُسلمين بتسريح مَا بَقِي موظفا من مبيعات الْأَسْوَاق ويريح النَّاس من شؤمه فَإِنَّهُ لَا شَيْء أشأم من هَذِه المكوس على الدول نسْأَل الله الْعَافِيَة وَفِي عَاشر جُمَادَى الثَّانِيَة من