وتسكن فَعَلمُوا مُرَاده وَانْصَرفُوا آيسين قلت وَفِي انْتِقَاله من سلاس إِلَى سلا إِشَارَة لَطِيفَة وَهِي أَن لفظ سلاس بِاعْتِبَار تفكيكه سلو مَوْصُول بِحرف السِّين وَهُوَ حرف ذُو قُرُون ثَلَاثَة متشعبة فَيُؤْخَذ مِنْهُ بطرِيق الْإِشَارَة أَنه سلو مَوْصُول بكدر بِخِلَاف لفظ سلا فَإِنَّهُ سلو مَحْض وَقد قدمنَا فِي أَخْبَار ابْن الْخَطِيب رَحمَه الله أَن مَدِينَة سلا كَانَت مقصدا لِلْعِبَادَةِ وَأهل الْخلْوَة والانفراد من لدن قديم أَخذ الشَّيْخ ابْن حسون عَن أبي مُحَمَّد الهبطي عَن أبي مُحَمَّد الغزواني عَن التباع عَن الْجُزُولِيّ رَضِي الله عَنْهُم وَكَانَ صَاحب أَحْوَال تهدى إِلَيْهِ الثِّيَاب الرفيعة فيأمر بهَا فَتلقى فِي بَيت مسدود فَتبقى فبه حَتَّى يأكلها السوس وتضيع وَكَانَ كل يَوْم يصبح على بَابه أَرْبَاب الْآلَات بالطبول والأبواق يضْربُونَ عَلَيْهِ النّوبَة وَغير ذَلِك وَقد تكلم عَلَيْهِ الشَّيْخ اليوسي فِي المحاضرات وَحمله محملًا جميلا وكرامات ابْن حسون كَثِيرَة شهيرة نفعنا الله بِهِ وبأمثاله

وَفِي السّنة الْمَذْكُورَة فِي ربيع الأول مِنْهَا توفّي الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى العلام الرباني أَبُو المحاسن يُوسُف بن مُحَمَّد الفاسي جد السَّادة الفاسيين وأخباره ومناقبه شهيرة قد تكفل ببسطها كتاب مرْآة المحاسن لِابْنِهِ الْعَلامَة أبي عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ الفاسي الْمَوْضُوع لهَذَا الْقَصْد بالخصوص

وَفِي سنة أَربع عشرَة وَألف كَانَ الغلاء الْعَظِيم بفاس قَالَ صَاحب الممتع فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ أبي عبد الله مُحَمَّد بن حَكِيم بالأندلسي أَنه اعتراه ذَات يَوْم حَال فجَاء إِلَى بعض أفران فاس وَجعل يَقُول لصَاحب الفرن أغلق فرنك أغلق فرنك ويصيح بِهِ فَإِذا بالغلاء الْعَظِيم حدث عقب ذَلِك وَهُوَ غلاء سنة أَربع عشرَة وَألف فتعطل ذَلِك الفرن وَغَيره من أفران الْمَدِينَة وَكَانَ يمر بالطرقات فَيَقُول النَّاس يَأْكُلُون عَن أَوْلَادهم ويكرر ذَلِك على جِهَة الْإِنْكَار فجَاء الغلاء الْمَذْكُور فَكَانَ النَّاس يَأْكُلُون فِي الْأَسْوَاق عَن أَوْلَادهم وَلم يكن يعْهَد الْأكل بالأسواق قبل ذَلِك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015