فِي أَيَّامه الغلاء المؤرخ بعام سبعين وَألف وَهُوَ غلاء مفرط بلغ النَّاس فِيهِ غَايَة الضَّرَر حَتَّى أكلُوا الْجِيَف وَلم يزل مُسْتَقِيم الرَّأْي بمراكش إِلَى أَن توفّي بهَا سنة تسع وَسبعين وَألف قبل أَن يدخلهَا الْمولى الرشيد بن الشريف بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا
وَقَالَ منويل لما بَايع أهل مراكش عبد الْكَرِيم الشباني خَالَفت عَلَيْهِ آسفي وأعمالها فغزاهم ثمَّ رَجَعَ مفلولا إِلَى مراكش وَكَانَت المجاعة الْمَشْهُورَة عقب ذَلِك ثمَّ قَتله بعض أجناده دخل عَلَيْهِ فطعنه بِرُمْح فأتلفه ثمَّ قبض على الْقَاتِل وَقتل أَيْضا فِي الْحِين وَلما توفّي بَايع النَّاس وَلَده أَبَا بكر ابْن عبد الْكَرِيم فَبَقيَ إِلَى أَن قدم الْمولى الرشيد وتقبض عَلَيْهِ وعَلى عشيرته فَقَتلهُمْ ثمَّ تتبع الشبانات فأفناهم قتلا وَأخرج عبد الْكَرِيم من قَبره فأحرقه بالنَّار وانقرضت دولة الشبانات والبقاء لله وَحده
ولنذكر مَا كَانَ فِي هَذِه الْمدَّة من الْأَحْدَاث فَنَقُول
فِي سنة ثَلَاث عشرَة وَألف فِي ثَانِي عشر محرم مِنْهَا توفّي الْوَلِيّ الْكَبِير أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أَحْمد بن الْحسن الخالدي السلاسي الْمَعْرُوف بِابْن حسون نِسْبَة إِلَى جده الْحسن الْمَذْكُور وَهَذَا الشَّيْخ هُوَ دَفِين سلا الشهير بهَا أَصله من سلاس مدشر على مرحلة من فاس ثمَّ انْتقل إِلَى سلا وَسبب انْتِقَاله إِلَيْهَا أَنه كَانَ بَين أهل سلاس حروب ومقاتلات فَكَانَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله إِذا غلب أهل مدشره فَرح وَإِذا انْهَزمُوا حزن ففكر فِي نَفسه وَقَالَ محبَّة الْغَلَبَة تستدعي محبَّة الشَّرّ للْمُسلمين وَعلي عهد الله لَا جَلَست فِي مَوضِع أفرق فِيهِ بَين الْمُسلمين وأبغي الشَّرّ لَهُم فارتحل إِلَى سلا وَلما اسْتَقر بهَا أَتَاهُ جمَاعَة من عشيرته يراودونه على الرُّجُوع إِلَى بِلَادهمْ وحثوا عَلَيْهِ فِي ذَلِك فَأخذ قدحا وملأه من مَاء الْبَحْر وَوَضعه ثمَّ قَالَ لَهُم مَا بَال مَاء الْبَحْر يضْرب بعضه بَعْضًا وتتلاطم أمواجه وَمَا لهَذَا المَاء الَّذِي مِنْهُ فِي الْقدح سَاكن فَقَالُوا لَهُ لِأَنَّهُ لم يبْق فِي الْبَحْر فَقَالَ لَهُم الغربة تصفي