سالف عَهده وقديم صحبته فَانْهَزَمَ زَيْدَانَ لذَلِك وَرجع أدراجه إِلَى فاس فتحصن بهَا
وَكَانَ أَبُو فَارس قد تقدم إِلَى أَصْحَابه فِي الْقَبْض على الشَّيْخ مَتى وَقعت الْهَزِيمَة على زَيْدَانَ فَلَمَّا فر زَيْدَانَ انْعَزل الشَّيْخ فِيمَن انْضَمَّ إِلَيْهِ من جَيش أهل الغرب وَامْتنع على أَصْحَاب أبي فَارس فَلم يقدروا مِنْهُ على شَيْء وانتعش أمره واشتدت شوكته ثمَّ سَار إِلَى فاس يقفو أثر السُّلْطَان زَيْدَانَ
وَلما اتَّصل بزيدان خبر مَجِيئه إِلَيْهِ راود أهل فاس على الْقيام مَعَه فِي الْحصار والذب عَنهُ وَالْوَفَاء بِطَاعَتِهِ الَّتِي هِيَ مُقْتَضى بيعتهم الَّتِي أعْطوا بهَا صفقتهم عَن رضى مِنْهُم فامتنعوا عَلَيْهِ وقلبوا لَهُ ظهر الْمِجَن وأعلنوا بنصر الشَّيْخ وبيعته لقديم صحبتهم لَهُ وَلما آيس زَيْدَانَ من نَصرهم وَقد أرهقه الشَّيْخ فِي جموعه خرج من فاس بحشمه وَثقله ناجيا بِنَفسِهِ وَتَبعهُ جمع عَظِيم من أَصْحَاب الشَّيْخ فَلم يقدروا مِنْهُ على شَيْء وَذهب إِلَى تلمسان فَأَقَامَ بهَا إِلَى أَن كَانَ من أمره مَا نذكرهُ
وَأما الشَّيْخ فَإِنَّهُ لما وصل إِلَى فاس تَلقاهُ أَهلهَا ذُكُورا وإناثا وأظهروا الْفَرح بمقدمه فَدَخلَهَا ودعا لنَفسِهِ فَأُجِيب واستبد بملكها ثمَّ أَمر جَيش أهل مراكش أَن يرجِعوا إِلَى بِلَادهمْ فانقلبوا إِلَى صَاحبهمْ مخفقين
وَكَانَ الشَّيْخ لما تمّ غَرَضه من الاستبداد بِالْأَمر والانفراد بالسلطنة دَعَا بالشيخين الفقيهين قَاضِي الْجَمَاعَة أبي الْقَاسِم بن أبي النَّعيم ومفتيها أبي عبد الله مُحَمَّد بن قَاسم الْقصار فلامهما على مبايعة زَيْدَانَ وقولهما فِيهِ وَفِي أَخِيه أبي فَارس إِن أَوْلَاد الْإِمَاء لَا يتقدمون فِي الْأَمر على أَوْلَاد الْحَرَائِر وَكَانَ أَبُو فَارس وَالشَّيْخ وَلَدي أمه اسْمهَا الخيزران كَمَا مر وزيدان أمه حرَّة من الشبانات وعزم أَن ينكل بهما ثمَّ بعث بهما مَعَ جَيش مراكش إِلَى أَخِيه أبي فَارس ليرى فيهمَا رَأْيه فَأَما الشَّيْخ الْقصار فَتوفي رَحمَه الله على مقربة من مراكش بزاوية الشَّيْخ ابْن ساسي وَحمل إِلَى مراكش فَدفن بقبة القَاضِي عِيَاض