كذلك فطن ابن تيمية إلى أن منطق أرسطو ليس في الحقيقة إلا تحصيل حاصل بمعنى أنه لا يضيف جديدًا من المعارف إلى من يأخذ به، وأحسن ما يقدمه المنطق أنه يستخدم في عرض المعلومات التي تكون قد اكتسبت بخبراتنا السابقة.

ويقرر ابن تيمية أن علماء الطب والحساب والنحو وأهل العلوم المختلفة لا يستعينون في مؤلفاتهم بالحدود المنطقية، وأن القياس المنطقي الذي وضعوه وحددوه لا يُعلم بمجرده شيء من العلوم الكلية الثابتة في الخارج، وينتهي ابن تيمية إلى تقرير حقيقة منطق أرسطو حين يقول: "أما بعد؛ فإني كنت دائما أعلم أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به الغبي، ولكني كنت أحسب أن قضاياه صادقة لما رأيته من صدق الكثير منها، ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه".

وإذا تركنا موقف ابن تيمية من منطق أرسطو لنرى ما يقول ديكارت في القرن السابع عشر عن هذا المنطق لم تجد لديه أكثر مما قال ابن تيمية قبل ذلك بثلاثة قرون، لقد قال ديكارت إن القياس يستخدم بالأحرى؛ لكي يفسر المرء للآخرين الأشياء التي يعلمونها بدلا من أن يكشف لهم عن تلك التي يجهلونها، ولذلك فمن واجب المفكرين أن يقلعوا عن استخدام القياس على النحو الذي كان يفعله أتباع أرسطو حتى القرن السابع عشر، وأوجست كونت كان يرد في القرن الماضي ما قاله ابن تيمية عن منطق أرسطو، أما في القرن الثالث عشر الذي كانت علوم العرب تغزو فيه أوروبا فإننا نجد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015