روجر بيكون يدعو معاصريه ألا يصبوا لعناتهم على الرياضة والملاحظة والتجارب بدعوى أنها علوم عربية وإسلامية، بل عليهم أن يفسحوا المجال لها إيمانا منه بأن ذلك هو الطريق إلى منهج جديد وروجر بيكون هذا هو الذي لقبه رينان بأنه الأمير الحقيقي للفكر الأوروبي في القرن الثالث عشر1.
ثانيا: أما ابن خلدون فبالإضافة إلى أنه أول من أسس علم الاجتماع على منهج علمي سليم قائم على استقراء أحوال البلاد وظروفها الطبيعية فإنه قد اهتدى إلى أن هناك نوعين من الاستقراء أحدهما فطري والآخر علمي، وهذه الفكرة وجدناها عند كلود بارنارد في القرن التاسع عشر وشرح كل من هذين المفكرين لهذين النوعين من الاستقراء يكاد يكون واحدًا، فرغم اختلاف الاستقراء الفطري عن الاستقراء العلمي في الدرجة إلا أن كلا منهما طريق صحيح لكسب المعلومات الجديد التي لا يمكن الوصول إليهما عن طريق القياس اليوناني، وابن خلدون يشرح الاستقراء الفطري بأنه عبارة عن المعاني التي يستخدمها المرء في التطبيق العلمي دون أن يشعر بها؛ لأنها من المعاني التي اكتسبها عن طريق الخبرة الزمنية، وهذه المعاني لا تبعد عن الشعور ولا يلتفت إليها المرء؛ ليتعمق فيها، يقول ابن خلدون: " ... بل كلها تدرك بالتجربة وبها تستفيد؛ لأنها