مما يتحدث به النصارى قديماً وحديثاً أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي العرب خاصة وعلى ذلك قد شملهم رسالة الإسلام، وفي عصر الحروب الصليبية أثيرت هذه الشبهة وتصدى لها بعض العلماء المسلمين مفندين لها موضحين الحق في عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة (?)، فقد ورد في رسالة لأحد كتاب النصارى موجهة إلى المسلمين في هذه الفترة: .. إن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلينا، فلا يجب علينا اتباعه (?)، حيث استدل هذا النصراني بآيات من القرآن إلى ما ذهب إليه منها قوله تعالى: "إنّا أنزلناه قرءاناً عربياً" (يوسف، آية: 3) وقوله " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه" (إبراهيم، آية: 4) وقوله " وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه" (إبراهيم، آية:4) وقوله: " لتُنذر قوماً ما أتهم من نذير من قبلك" (الجمعة، آية:2).
وقوله" وأنذر عشيرتك الأقربين" (الشعراء، آية: 214) ثم قال هذا النصراني: لا يلزمنا إلا ما جاء بلساننا، وأتانا بالتوراة والإنجيل بلغتنا (?) وكان رد القرافي على هذه الشبهة على النحو التالي:
أ- إن الحكمة من إرسال الرسل عموماً بألسنة أقوامهم ليكون ذلك أبلغ في الفهم بينه وبينهم حتى تقوم الحجة وتزول الشبهات ويحصل البلاغ، ليكون ذلك أدعى إلى فهم غيرهم (?).
ب- أن هناك فرقاً بين قوله تعالى: "وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه" (إبراهيم، آية: 4) وبين أن يقال "وما أرسلنا من رسول إلا لقومه" فالقول الثاني هو المفيد لاختصاص الرسالة بهم لا الأول.