وفي معرض مناقشة القرطبي للنصارى لفت أنظارهم إلى نظم القرآن وأسلوبه الغريب: ... والذي خالف به أسلوب كلام العرب، حتى كأنه ليس بينه وبينه نسب ولا سبب، فلا هو كمنظوم كلامهما فيكون شعراً موزوناً ولا كمنثوره فيكون نثراً عرياً عن الفواصل محروما، بل تشبه رؤوس آيته وفواصله قوافي النظم، ولا تدانيها، وتخالف آية متفرقات النثر، وتناويها، فصار لذلك أسلوباً خارجاً عن كلامهم، ومنهاجاً خارجاً لعادة خطابهم (?) ثم ضرب للقرطبي مثالاً على ذلك موجهاً إلى النصارى وهو قوله تعالى: "وأذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقيا" (مريم، آية: 16 – 33) إلى قوله تعالى "والسّلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حَيَّاً" (مريم، آية: 16 – 33)، طالباً منهم التأمل في معاني هذه الآيات، ولافتاً أنظارهم إلى نظمها البديع المنيف الذي عجزت العرب عن معارضته (?).

- إعجاز القرآن بإخباره عن بعض المغيبات فتقع كما أخبر:

ومن ذلك بيان الخزرجي لأحد القساوسة النصارى أن من إعجاز القرآن إخباره عن بعض المغيبات فتحصل كما أخبر، حيث أورد العديد من الأمثلة منها قوله تعالى: " الم غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم* وعد الله لا يخُلفُ الله وعده ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون *" (الروم، آية: 1 – 6) فما كان بضع سنين حتى تحقق ذلك وغلبت الروم الفرس (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015