كان من حسن سياسة نور الدين محمود مثلاً، مع بعض القادة النصارى أن كسبهم إلى جانبه ضد بني ملتهم ودرأ بذلك خطراً عظيماً عن الإسلام بعدما كادوا أن يتفقوا ضد المسلمين وذلك سنة 544هـ (?) وكذلك صلاح الدين، حينما صالح صاحب صيداً حتى جعله يقاتل في صف المسلمين ضد بني ملته وكان له أثر موجع عليهم وكذلك صاحب صور الذي جاهر بعداء بني ملته (?)، وبعد معركة حطين وما ظهر من نبله وكرمه وصفحه عن بعض قادة الصليبيين أن أقسم بعضهم ألا يواجهه في قتال (?).
5 - حسن معاملة النصارى لمن تحت أيديهم من المسلمين: ومن مظاهر التحسن مثلاً أنه في بعض القرى الواقعة تحت النفوذ الصليبي يتمتع أهلها المسلمون بحكم ذاتي لهم يحكمهم واحد منهم كما هي الحال في جبلية وقد لمس الأحوال المعيشية الهادئة التي تعيشها بعض القرى والمدن الإسلامية تحت الحكم الصليبي ابن جبير حتى أنه خشي على أهلها من الفتنة مقابل بعض الاضطهاد الذي يلاقيه إخوانهم من قبل بعض الولاة المسلمين في بعض المناطق الإسلامية، حيث قال: .. وطريقنا كله ضياع متصلة وعمائر منتظمة سكانها كلها مسلمون، وهم مع الإفرنج على حالة ترفيه - نعوذ بالله من الفتنة - ومساكنهم بأيديهم وجميع أحوالهم متروكة لهم، وكل ما بأيدي الفرنج من المدن بساحل الشام على هذا السبيل، ثم وصف ابن جبير استقرار أحوالهم وخشيته عليهم من الفتنة بالنصارى لذلك حيث قال: .. وقد أشربت الفتنة قلوب أكثرهم لما يبصرون عليه إخوانهم من أهل الرساتيق المسلمين وعمالهم لأنهم ضد أحوالهم في الترفيه والرفق، وهذه من الفجائع الطارئة على المسلمين (?).