أن تنيس كانت هدفا لعدد من غارات الصقليين والصليبيين، وأن أهلها جلوا عنها فى سنة 588 [1192] عندما كان يعيد النظر فى تأليفه (هامش 1 ص 88) .
وما أن يترك المؤلف مصر ليعالج بلاد المغرب والسودان حتى يتخلص من آثار الماضى التى تسلطت على نفسه وقلمه، فهو يسجل ما يشاهده ويعطى وصفا أكثر دقة. وإذا ما راعينا أنه كان مغربيا وبالتالى عارفا بالبلاد التى هى موطنه، فهمنا بسهولة أن هذا القسم من الكتاب يفوق فى أهميته ما سبقه من الأقسام.
هنا نجد أن المصادر التى يأخذ عنها الكاتب معلوماته والتى يذكرها هى، المسعودى والبكرى- وهذا الأخير يعتبر المصدر الأول للقسم الثالث من الكتاب خاصة. هذا إلا أن مجهود المؤلف لا ينكر، فهو ينتهج منهجا خاصا به، ويعطى معلومات شخصية فى غاية الأهمية، لاسيما عن إفريقية والمغرب الأقصى.
أهمية الكتاب:
يعتبر الكتاب مصدرا لمعلومات متنوعة الألوان من جغرافية وتاريخية وأثرية. وهو يسهب فى وصف رخاء مصر الزراعى، الذي يرجع إلى النيل، ويؤكد بصفة خاصة خصوبة منطقة الفيوم. والفيوم تجذب انتباهه بفضل عمليات المياه فيها، وهذه تزيد من مزروعاتها وفواكهها. وفيما يتعلق بمنطقة الفرما يذكر أن تمرها يعد من عجائب الدنيا. أما عن معادن الزمرد الواقعة بين مدينة قوص ومدينة أسوان فهى موضوع خصب لاسترسال قلمه وإسهابه. وهو بعد ذلك يعتنى بصناعة النسيج فى دمياط وتنيس، حيث كانت تصنع أردية لا تدخل فى نسجها خيوط الذهب، ويساوى الرداء منها مع ذلك مائة دينار. وكانت حرفة صيد السمان مربحة لأهالى المدينتين.
وفى هذا العصر كانت مدينة عيذاب ميناء مهما منه تتجه المراكب نحو الحجاز واليمن والهند وغيرها من البلاد.
€