القفصى، فإن القفصى يكاد أن يكون فى جرم اللوز. وهو إذا كان فى شجره أجمل ثمرة خلقها الله تعالى، فإنه يكون عناقيدا مثل عناقيد العنب، وهو زكى الرائحة حتى إنه لا يقدر أحد أن يسرق منه شيئا، فإنه تشتم عليه رائحته.
وفى بساتين قفصة من الرياحين كثير: مثل الآس والياسمين والنارنج والنرجس والسوسان والبنفسج وغير ذلك. ووردها أكثره أبيض، وماؤه أزكى ماء يكون للورد، يشبه الجورى «ا» الذي يجلب من بلاد مصر.
ويصنع بقفصة أردية وطيالس «ب» وعمائم من صوف فى نهاية الرقة تضاهى ثياب الشّرب «ج» ؛ وتصنع بها أوان للساء من خزف تعرف بالريحية، شديدة البياض فى نهاية من الرقة «د» ليس يعلم لها نظير فى جميع البلاد.
ويصنع بها زجاج حسن، وأوان عجيبة «ر» وأوان مذهبة غريبة. وهى حاضرة فى جميع أمورها، وأهلها ذوو يسار وفيهم خير كثير ولهم صدقات، وهم يعظمون يوم عاشوراء تعظيما كثيرا وهو عندهم مثل الأعياد؛ ولهم فيه صدقات كثيرة وكساء للمساكين. وكانت مدينة قفصة أعظم بلاد إفريقية نظرا: كان حولها نحو 200 قصر آهلة عامرة، فيها الأشجار والنخل والزيتون والفستق وجميع الثمار؛ وفيها العيون والأنهار والآبار «س» ، وتسمى قصور قفصة. ومن قصورها مدينة طوارق «ص» ، وهى فى منتصف الطريق من قفصة إلى فج الحمار وأنت تريد القيروان؛ وكانت مدينة آهلة كبيرة فيها جامع. وكانت القوافل إذا خطرت بين هذه القصور تكم إبلها ودوابها لئلا ترعى ورق الشجر لكثرته على ذلك الطريق. وهى اليوم خربة لا أنس (ط) بها من وقت دخلت العرب بلاد إفريقية، وأفسدت بلاد القيروان وغيرها من البلاد والقرى والعمائر وكثيرا من المدن بإفريقية «1» .