567 - * روى البخاري عن طارق بن شهاب قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً، فأخبرنا عن بدء الخلق، حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه.
قال الحافظ في الفتح: قوله: حتى دخل أهل الجنة ... هي غاية قوله: أخبرنا، أي: أخبرنا عن مبتدأ الخلق شيئاً بعد شيء إلى أن انتهى الإخبار عن حال الاستقرار في الجنة والنار، ودل ذلك على أنه أخبر في المجلس الواحد بجميع أحوال المخلوقات منذ ابتدأت إلى أن تفنى، إلى أن تبعث، فشمل ذلك الإخبار عن المبدأ والمعاش والمعاد، وفي تيسير إيراد ذلك كله في مجلس واحد من خوارق العادة أمر عظيم.
568 - * روى البخاري عن عمران بن حصين أن ناساً من أهل اليمن قالوا: يا رسول الله: جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر: ما كان؟ قال: "كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء. ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء".
أقول: من مباحث العلماء: هل العرش خلق قبل الماء؟ أو الماء خلق قبل العرش؟ وما تفسير بعض النصوص التي تذكر أن شيئاً ما خلق أولاً سوى العرش والماء؟ وقد ذكر ذلك ابن حجر في فتح الباري في شرحه لهذا الحديث فقال:
قوله: (كان الله ولم يكن شيءٌ غيره) في الرواية الآتية في التوحيد "ولم يكن شيء قبله" وفي رواية غير البخاري "ولم يكن شيء معه" والقصة متحددة فاقتضى ذلك أن الرواية وقعت بالمعنى، ولعل راويها أخذها من قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه في صلاة الليل "أنت الأول فليس قبلك شيء" لكن رواية الباب أصرح في العدم، وفيه دلالة على أنه لم يكن