الاستنباط منهما، وعلى هذا فإذا كان أحد العلماء مظنة الاجتهاد وقال قولاً لا يخالف صريح كتاب أو سنة قطعية الثبوت قطعية الدلالة ليس لها معارض، فللمسلم أن يتابعه ولا حرج، ولا يكون بذلك مبتدعاً، فالمبتدع هو من سار في أمر العقائد على غير أقوال الراسخين في العلم، وفي الفروع على غير أقوال الأئمة المجتهدين، نفهم ذلك من هذا الحديث في قضايا الحلال والحرام، ومن قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (?).

وقد قال الإمام أحمد (?) عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} إلى قوله: {أُولُو الْأَلْبَابِ} فقال: "إذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهمن الذين عنى اللهُ فاحذروهم".

وفي البخاري (?) ومسلم وأبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} إلى قوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذورهم".

ويدخل في ذلك كل من اتبع المتشابه وترك المحكم.

ويدخل في ذلك فرق الضلال كلها، كما سنرى في مباحث لاحقة.

أما من تابع الراسخين في العلم من أهل السنة والجماعة الذين يحملون المتشابه على المحكم فحاشاهم من الابتداع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015