حق من يعرف مسالك الدليل، فمن ترجح لديه أن الدليل الأقوى يوصل إلى البدعية فعليه أن يجتنب، ولكنه لا يحق له أن يشتد في الإنكار على من يتابع أئمة الاجتهاد أو أئمة الفتوى في مثل هذه الحالة، فالسير على اجتهاد إمام من أئمة الاجتهاد، أو على فتوى إمام من الأئمة المعتبرين في الفتوى يخرج صاحبه من إثم الابتداع المحرم أو المكروه، إلا إذا كان من أهل العلم الذين يعرفون مسالك الأدلة فالأمر في حق مثل هؤلاء أشد، ولا يصح لواحد منهم أن يشتد على من خالفه ما دام على رأي إمام معتمد.
418 - * روى البخاري ومسلم عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الحلال بيِّن، وإن الحرام بينٌ وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يُوشكُ أن يرتع فيه. ألا وإن لكلِّ ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمُهُ. ألا وإن في الجسد مُضغةً إذا صلحت صلح الجسدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله: ألا وهي القلب".
دل هذا الحديث على أن بعض مسائل الحرام والحلال مشتبهة لا يعلمها الكثير، وإذن فالقليل يعلمها وهم الأئمة المجتهدون المستشرفون لنصوص الكتاب والسنة والقادرون على