ومن ههنا استعمل أهل السلوك إلى الله فكرة الوارد الذي ينصب في القلب كأثر عن الأوراد والأعمال الصالحة: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} (?) فإذا أصبح القلب نورًا خالصًا فصاحبه هو المؤمن الخالص، وإذا كان في القلب ظلمة ونور فصاحبه عنده إيمان ونفاق، وإذا لم يبق في القلب نور مع تظاهر صاحبه في الإسلام فذلك المنافق الخالص، وإذا لم يكن متظاهرًا في الإسلام بل معلنًا للكفر فهو الكافر الخالص، والإيمان ينبثق عنه السلوك، مظهره شعب الإيمان كما رأيناها، والنفاق ينبثق عنه سلوك، مظهره شعب النفاق كما سنراها، والكفر له سلوكياته.
ومن سلوكيات الكفر التي فصلها القرآن عدم قبول الإنذار، والانخراط في اللهو واللعب وإتيان الشهوات واستغراق في الدنيا.
وكفر اليهود والنصارى خص بمزيد تفصيل في القرآن لانبثاق أنواع من السلوكيات عن هذا وهذا، وأما النفاق فشعبه كثيرة، أهمها الكذب والغدر والفجور في الخصومة ومخالفة الظاهر للباطن في شر والخداع وموالاة الكفر والسعي بالفساد فمتى وجد النفاق فهذه الأشياء تنبثق بشكل تلقائي عنه فإذا ما وجدناها فعلينا أن نعالجها وأن نعالج الأصل.
وهذه الأمور من أهم ما وقعت فيه الغفلة في عصرنا، وقد نقل القرطبي عند قوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} ما يلي:
روى مرة عن ابن مسعود (?) قال: قلنا يا رسول الله، قوله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} كيف انشرح صدره؟ قال: "إذا دخل النور القلب انشرح وانفتح". قلنا: يا رسول الله وما علامة ذلك؟. قال: "الإنابة إلى