على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته) فهذه الرواية تفهم:
أن بعد سبع سنين من قتل الدجال يبعث الله هذه الريح ويصفها أنها تأتي من قبل الشام مع أن المعروف المشهور: أن عيسى عليه السلام يمكث في الأرض أربعين سنة، وبعد وفته يبقى الناس على فترة من الزمان على خير، ثم تأتي ريح من قبل اليمن فتقبض روح أهل الإيمان. فالحديث يحتاج إلى توجيه ومن ثم قال الشيخ عبد الفتاح حفظه الله معقبا على رواية عبد الله بن عمرو: (ثم يمكث الناس سبع سنين) بما يلي:
"هكذا جاء في جميع نسخ "صحيح مسلم" التي رجعت إليها وهي مختلفة الطبعات، وهكذا جاء في "المسند" و"الدر المنثور" و"المستدرك" في جميعها بلفظ (ثم يمكث الناس سبع سنين) برفع (الناس) على الفاعلية، وهي رواية صحيحة واضحة، ومعناها عندي- والله أعلم- أن الناس يعيشون متحابين ليس بينهم عداوة ولا بغضاء سنين طويلة، وهي أربعون سنة كما بينها رواية أبي داود وأحمد المتقدمة في ص 96، ونصها: "فيمكث- أي سيدنا عيسى- في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون". ويكون ذكر (سبع سنين) هنا رمزًا للكثرة لا للحصر كقوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} إذ التمثيل فيها للتكثير لا للحصر، وكقوله سبحانه: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}. قال الألوسي في "تفسيره" 6: 486 عند هذه الآية "المراد بالسبعة الكثرة بحيث تشمل المائة والألف مثلًا، لا خصوص العدد المعروف، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: "المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء". انتهى
أما الرواية التي وقعت قديمًا في بعض نسخ "صحيح مسلم" بلفظ "ثم يمكث الناس سبع سنين" كما جاء منقولًا عن "صحيح مسلم" بهذا اللفظ في "مشكاة المصابيح" من طبعة الهند ص 481 ومن طبعة دمشق 3: 51 وفي نسخة "المرقاة شرح المشكاة" للعلامة على القاري 5: 227 فتحتاج إلى تأويل، إذ الضمير فيها في "يمكث سبع سنين" عائد إلى سيدنا عيسى، فلهذا علق عليها كل من الحافظ ابن كثير والحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى.