(4)
قال الشيخ عبد الفتَّاح تعليقاً على قوله عليه الصلاة والسلام: "يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة .. ":
(وقال العلامة ابن ملك: "وهذا القول في تفسير امتداد الأيام الثلاثة جارٍ على حقيقته، لا امتناع فيه، لأن الله قادرٌ على أن يزيد كل جزء من أجزاء اليوم الأوَّل حتى يصير مقدار سنة، خارقاً للعادة، كما يزيد في أجزاء ساعة من ساعات اليوم".
وقال العلامة علي القاري في "المرقاة شرح المشكاة" 5: 195 بعد نقله كلام ابن ملكٍ المذكور: وهذا القول الذي قررهُ لا يفيد إلا بسط الزمان كما وقع له صلى الله عليه وسلَّم في قصَّة الإسراء مع زيادةٍ على المكان.
لكن لا يخفى أن كلِّ صلاة إنما هو وقتها المقدَّر من طلوع صبح، وزوال شمس، وغروبها، وغيبوبة شفقها، وهذا لا يُتَصوَّر إلا بتحقُّق تعدُّد الأيَّام والليالي على وجه الحقيقة، وهو مفقود.
فنقول- وبالله التوفيق ومنه المعونة في التحقيق- قد تبيَّن لنا بإخبار الصادق المصدوق صلوات الله تعالى وسلامه عليه أنَّ الدَّجَّال يبعث معه من المشبهات ويفيض على يديه من التمويهات. ما يسلب عن ذوي العقول عقولهم، ويخطف من ذوي الأبصار أبصارهم، فمن ذلك تسخير الشياطين له، ومجيئه بجنَّة ونار، وإحياء الميت على ما يدَّعيه، وتقويته على من يُريد إضلاله تارةٌ بالمطر والعُشب، وتارةٌ بالأزمة والجدب.
ثم لا خفاء أنه أسحر الناس، فلم يستقم لنا تأويل هذا القول إلا أن نقول: إنه يأخذ بأسماع الناس وأبصارهم، حتى يُخَيَّل إليهم أن الزمان قد استمرَّ على حالةٍ واحدة: إسفارٌ بلا ظلام، وصباحٌ بلا مساء، يحسبون أن الليل لا يمدُّ عليهم رِواقه، وأن الشمس لا تطوي عنهم ضياءها، فيبقون في حيرة والتباس من امتداد الزمان، ويدخل عليهم دواخل باختفاء الآيت الظاهرة في اختلاف الليل والنهار، فأمرهم صلى الله عليه وسلَّم أن يجتهدوا عند مصادمة تلك الأحوال، ويُقدِّروا لكل صلاةٍ قدرها، إلى أن يكشف الله عنهم تلك الغُمَّة. هذا الذي اهتدينا إليه من