جعلها علة لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم إذ لا قائل بالفرق بين أرواث كل من الجنسين وأبوالها كما قال العراقي وأيضاً قد قيل إن حكمة النهي ما فيها من النفور فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها أو أذى يحصل له منها أو تشوش الخاطر الملهى عن الخشوع في الصلاة وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي وأصحاب مالك.
وأما الأمر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر بإباحة ليس للوجوب قال العراقي اتفاقاً وإنما نبه صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الأمرين فأجاب في الإبل بالمنع وفي الغنم بالإذن وأما الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ "فإنها بركة" فهو إنما ذكر لقصد تبعيدها عن حكم الإبل، كما وصف أصحاب الإبل بالغلظ والقسوة ووصف أصحاب الغنم بالسكينة. ا. هـ.
1300 - * روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في مرابض الغنم. وزاد البخاري ومسلم: ثم قال بعد ذلك: قبل أن يبنى المسجد.
أقول: ظاهر النص يدل على أن الصلاة في مرابض الغنم كانت في أول مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان ذلك من باب تخير المكان الواسع للصلاة فمرابض الغنم تكون واسعة ومنتقاة ومنقاة من الحجارة وما يشبهها.
1301 - * روى مالك عن عروة بن الزبير عن رجل من المهاجرين لم نر به بأساً أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص قال، أصلي في عطن الإبل؟ فقال عبد الله: لا، ولكن صل في مراح الغنم".