قال الحافظ في الفتح: وفي هذا الحديث أن التلبية تستمر إلى رمي الجمرة يوم النحر، وبعدها يشرع الحاج في التحلل، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه كان يقول: التلبية شعار الحج، فإن كنت حاجاً قلب حتى بدء حلك، وبدء حلك أن ترمي جمرة العقبة. قال: وباستمرارها قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق وأتباعهم.
أقول: الظاهر أن المعتمر يقطع التلبية إذا استلم الحجر الأسود، وبعضهم يقطع التلبية إذا رأى بيوت مكة، أما الحاج فلا يقطع التلبية حتى يرمي جمرة العقبة، وفي كل من الحالين يتنقل من التلبية إلى غيرها من الأذكار كالدعاء والتكبير.
4256 - * روى الجماعة- إلا الترمذي- عن عبد الله بن حنين (رحمه الله) "أن ابن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، فوجدته يغتسل بين القرنين- وهو يستر بثوب- فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ قلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك ابن عباس يسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب يده في الثوب فطأطأه، حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه: اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، فقال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل".
زاد في رواية (?): فقال المسور لابن عباس: "لا أماريك أبداً".