الصوم، ويحكى مثل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك، فهو ما قد روينا عنه مما تقدم ذكرنا له في كتابنا هذا أنه قال: "إن بلالاً ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم"، وأنه قال: "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه إنما يؤذن لينتبه نائمكم وليرجع قائمكم" ثم وصف الفجر بما قد وصفه به. فدل ذلك على أنه هو المانع للطعام والشراب وما سوى ذلك مما يمنع منه الصائم.
فهذه الآثار التي ذكرنا مخالفة لحديث حذيفة.
وقد يحتمل حديث حذيفة عندنا- والله أعلم- أن يكون كان قبل نزول قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}.
فإنه حدثنا أحمد بن داود بن موسى قال: ثنا إسماعيل بن سالم، قال حدثنا هشيم قال: أنبأنا حصين ومجالد عن الشعبي قال: أخبرنا عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عمدت إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض، فجعلت أنظر إليهما، فلا يتبين لي الأبيض من الأسود. فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت فقال: "إن وسادك لعريض إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل"ز
حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا هشيم، قال حصين بن عبد الرحمن، عن الشعبي عن عدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثنا محمد، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا عبد الله بن إدريس الأودي، عن حصين، فذكر بإسناده مثله حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا الفضل بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي، قال: لما نزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} جعل الرجل يأخذ خيطاً أبيض وخيطاً أسود فيضعهما تحت وسادة، فينظر متى يستبينهما فيترك الطعام، قال فبين الله عز وجل