{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} (?)، وبقوله: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} (?).
وحرة واقم التي تحد المدينة من الشرق، كانت أكثر عمراناً من الوبرة، وحين هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، كانت حرة واقم مسكونة بأهم قبائل اليهود من بني النضير وقريظة، وعدد من عشائر اليهود الأخرى، كما كانت تسكنها أهم البطون الأوسية: بنو عبد الأشهل وبنو ظفر وبنو حرثة، وبنو معاوية، وفي منازل بني عبد الأشهل كان يقوم حصنهم واقم، الذي سميت الحرة باسمه.
* * *
كان العرب تابعين لقريش وأهل مكة في العقيدة والديانة، ينظرون إلى قريش كسدنة للبيت، وقادة في الدين، وقدوة في الاعتقاد والعبادة، خاضعين للوثنية السائدة على جزيرة العرب، يعبدون من الأصنام ما تعبد قريش وأهل الحجاز، إلا أن علاقتهم ببعض الأصنام كانت أقوى من علاقتهم ببعضها، فكانت مناة لأهل المدينة، وكانت أقدم الأصنام، وكان الأوس والخزرج أشد إعظاماً لها من غيرهم، وكانوا يهلون لها شركاً بالله تعالى، وكانت حذو (قُدَيْد) الجبل الذي بين مكة والمدينة من ناحية الساحل، كما كانت اللاتُ لأهل الطائف، والعُزى لأهل مكة، وكان أهل هذه المدن أكثر تعصباً حمية لها من غيرها، وكان من اتخذ في داره صنماً من أهل المدينة من خشب أو غيره يسميه "مناة" أيضاً، كما فعل ذلك عمرو بن الجموح سيد من سادات بني سلمة قبل أن يسلم.
وقد جاء في حديث رواه الإمام أحمد عن عروة عن عائشة في تفسر قوله تعالى {إِنَّ