كانت يثرب عند الهجرة النبوية متقسمة إلى عدة دوائر تسكنها بطون عربية ويهودية، وكل دائرة تابعة لبطن من البطون، وكانت الدائرة تنقسم إلى قسمين: يشتمل القسم الأول على الأراضي الزراعية بمنازلها وسكانها، ويشتمل القسم الثاني على الأطم أو الآطام.
وقد بلغ عدد آطام اليهد في يثرب تسعة وخمسين أطماً، ويقول الدكتور ولفنسون في وصف هذه الآطام:
كانت أهمية الآطام عظيمة في يثرب، فكان يفزع إليها أفراد البطن عند هجوم العدو، ويأوي إليها النساء والأطفال والعجزة حين يذهب الرجال لمقاتلة الأعداء، وقد كانت الآطام تستعمل كالمخازن تجمع فيا الغلال والثمار، ذلك أنها كانت معرضة في أماكنها المكشوفة للنهب والسلب، وكان الأطم مربعاً لكنز الأموال والسلاح، وكان للقوافل المثقلة بالبضائع أن تنزل بالقرب منه، كما كانت تقام على أبوابه الأسواق.
وكانت الآطام تشتمل - كما يظن - على المعابد وبيوت المدارس، إذ كانت فاخرة الأثاث، كثيرة الأدوات، مملوءة بالأسفار، فكان يجتمع فيها الزعماء للبحث والمشاورة حيث يقسمون بالكتب المقدسة، حين يهمون بإبرام العقود والاتفاقات.
ويقول الدكتور في تفسير كلمة (أطم): أنها مأخوذة من اللغة العبرية، فيقال: أطم عينيه: أغمضها، وأطم أذنيه: سدهما، والأطم في الجدران والحيطان: هي النوافذ المغلقة من الخارج، والمفتوحة من الداخل، ويستعمل في السور أي الحائط الضخم، يقول الدكتور:
وعلى ذلك يمكننا أن نفترض أن اليهود أطلقوا على الحصن اسم أطم، لأنه كان في إمكانهم أن يغلقوا أبوابه، وإن كانت له نوافذ من الخارج وتفتح من الداخل.
ومن هذه الأحياء والدوائر المحصنة كانت تتكون مدينة يثرب، فهي في الحقيقة مجموعة من القرى تقاربت وتجمعت، فتكونت منها المدينة، وإلى ذلك أشار القرآن بقوله: