الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (?).

قالت: إن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلْل، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية. ولم نطلع على صنم لهم خاص في المدينة اشتهر كاللات ومناة، والعزى، أو كهُبل، يعكفون على عبادته، ويشد إليه الرحال من خارج المدينة، ويبدو أن الأصنام لم تنتشر في المدينة انتشارها في مكة، فقد كان لكل بيت في مكة صنم خاص، وكانت الأصنام يطاف بها وتباع، فكانوا في الوثنية عيالاً على أهل مكة وأتباعاً لهم.

وكان لأهل المدينة يومان يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال لهم: "قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما يوم الفطر والأضحى"، وقد ذكر بعض شراح الحديث أنهما النيروز والمهرجان، وكأنهم أخذوهما من الفُرس.

وكانت قريش تعترف بشرف الأوس والخزرج، وهم بنو قحطان العرب العاربة، وكانوا يصاهرونهم، ويتزوجون فيهم، وقد تزوج هاشم بن عبد مناف وهو سيد قريش في بني النجار، تزوج سلمى بنت عمرو بن زيد من بني عدي بن النجار وهم من الخزرج، إلا أنهم كانوا يرون لأنفسهم فضلاً عليهم، وقد قال عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة - الذين دعوا إلى المبارزة يوم بدر، فخرج إليهم فتية من الأنصار - فقالوا: من أنتم؟ قالوا: رهط من الأنصار، قالوا: ما لنا بكم من حاجة، ثم نادى مناديهم، يا محمد! أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا علي" فلما قاموا ودنوا منهم، وسموا أنفسهم، قالوا: نعم أكفاء كرام، وكانوا ينظرون إلى الفلاحة التي كان يمارسها أهل المدينة بحكم طبيعة أرضهم لاعتمادهم عليها في معاشهم نظرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015