تَفِ أموالُهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدِّ عني هذا المال. انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السلام - ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً - وقل: يستأذنُ عمر بن الخطاب أن يُدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يُدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرنه به اليوم على نفسي. فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء. قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تُحب يا أمير المؤمنين، أذنتْ. قال: الحمد لله، ما كان من شيء أهم من ذلك، فإذا أنا قضيتُ فاحملوني، ثم سلم فقل: يستأذنُ عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسيرُ معها، فلما رأيناها قمنا، فولجتْ عليه فبكتْ عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، واستخلف. قال: ما أجدُ أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر - أو الرهط - الين تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض: فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء- كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أُمِّر، فإني لم أعزله عن عجزٍ ولا خيانة. وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم. وأوصيه بالأنصار خيراً، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يُقبل من مُحسنهم، وأن يثعفى عن مسيئهم. وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردء الإسلم، وجُباة المال وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم. وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصلُ العرب، ومادة الإسلام، أن يُؤخذ من حواشي أموالهم، ويُرد على فقرائهم. وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يُوفى لهم بعهدهم، وأن يُقاتل من ورائهم، ولا يُكلفوا إلا طاقتهم. فلما قُبضَ خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبدُ الله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطاب (1). قالت